ما زالت الحرب التي تشنها السلطات الإسرائيلية على الأوقاف الإسلامية والعربية في أراضي الـ48 مستمرة، حيث شرعت "دائرة أراضي إسرائيل" في بيع العديد من عقارات الأوقاف بالمزاد العلني.
وطالب العديد من القيادات العربية بالداخل وجمعيات عربية بالكشف عن حجم الأوقاف والجهات التي تشرف على إدارتها والأموال التي تحصل عليها خزينة الدولة جراء تأجيرها أو بيعها.
وفي هذا السياق قدم النائب العربي بالكنيست مسعود غنايم استجوابا لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حول أملاك الوقف الإسلامي، مطالبا بالكشف عن حجمها وأرباحها والجهات التي تستخدمها أو تستفيد منها وكيفية إدارتها وتصريف أرباحها.
وقال غنايم للجزيرة نت إن مكتب رئيس الحكومة يدير هذه الأملاك منذ العام 1948، و"نحن المسلمين لا نعرف إلا القليل عن هذه الأملاك رغم أن ذلك حق أساسي من حقوقنا".
وتابع "رغم مرور عشرات الأعوام فإننا لا نعرف حجم أملاك الوقف الإسلامي، وكذلك الأرباح والمبالغ التي تجنيها وتذهب إلى الحكومة"، متهما الحكومة الإسرائيلية ببيع عقارات الوقف من مبان وأراض لشركات يهودية أو منظمات استيطانية أو قرى تعاونية أو مصالح تجارية أو مؤسسات الدولة.
يذكر أن إسرائيل شرّعت قوانين تمنع أعمال الصيانة وتجرّم الفلسطينيين بالداخل لإقدامهم على رعاية وصيانة هذه المقدسات.
وخلال النكبة عام 1948 تم تدمير 531 قرية فلسطينية، هدمت معها جميع المقابر وأماكن العبادة.
وتستخدم السلطات الإسرائيلية هذه العقارات والأوقاف والمساجد والمقابر للترفيه، وحولت بعضها إلى خمارات أو مطاعم أو مراع وحظائر للأبقار أو منتجعات سياحية ومجمعات تجارية.
وكشف متابع ملف المقدسات في مؤسسة الأقصى عبد المجيد أغبارية أن الأراضي الوقفية تقدر بحوالي 1.2% من مساحة فلسطين التاريخية، مشيرا إلى أنه تم رصد قرابة 2500 موقع من مساجد ومقابر وكنائس ما زالت قائمة، وقامت إسرائيل بوضع يدها عليها.
وأكد للجزيرة نت أن هناك المئات من المباني والعقارات بالمدن الساحلية تمت مصادرتها بموجب قانون أملاك الغائبين، الذي اعتبر جميع الأوقاف التي كان المجلس الإسلامي الوصي عليها ملكا غائبا.
وأشار أغبارية إلى أن هذه الأوقاف تسيطر عليها وتتحكم بها "دائرة أراضي إسرائيل" التابعة لمكتب نتنياهو، وأنه تم تأجيرها لشركات ورجال أعمال يهود، موضحا أن بعضها يستخدم لأغراض ومشاريع الإسكان والسياحة.
واعتبر أن هذه الممارسات بمثابة الحكم بالإعدام على هذه المواقع بهدف طمسها وتدميرها، "على الرغم من أن قسما منها معلنا عنه كمواقع أثرية تتعمد إسرائيل إهماله وتعاقبنا لمجرد إقدامنا على صيانته ورعايته".
بدوره قال النائب جمال زحالقة إن إسرائيل تدعي عدم مصادرتها للأوقاف ووضعها بحوزة القيّم على أملاك الغائبين، "لكن عمليا تمت مصادرتها بغالبيتها الساحقة وتسيطر على ريعها المالي وتتاجر بها".
وشدد في تصريحات للجزيرة نت على ضرورة إنفاق ريع الأوقاف على المسلمين بدل تحويله لخزينة الدولة وصرفه على الأهداف اليهودية، مشيرا إلى أن إسرائيل ترفض الإفصاح عن أي معلومات بخصوص الأوقاف وتتعامل مع الموضوع على أنه "سر من أسرار أمن الدولة".
وطالب زحالقة بأن تكون الأوقاف تحت سيطرة تامة للمسلمين وبانتخاب هيئة إسلامية عليا لإدارتها بدلا من لجان الأوقاف التي تعيّنها إسرائيل وتنشط بالأساس للتنازل عنها وتصفيتها لصالح الحكومة.